تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الحياء
المقدمه
بسم الله والحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه نعوذ بالله عز وجل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن يجد له وليا مرشدا وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا ورسولنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه باحسان إلى يوم الدين أجمعين.
اما بعد ،
إنه خلق من أهم الأخلاق ونحن اليوم فى أشد الحاجة إليه يظهر أثره على كل جوارحنا وخصوصا وجوهنا خلق مؤثر فى الفرد والمجتمع والأسرة خُلق أصبح غريباً فى هذه الأيام ولما ضاع منا فسد المجتمع وإن تمسكنا به زاد المجتمع طهراً ونقاء وممن اشتهر به وتحمل الألم لأجله قتيبه بن مسلم المجاهد الأمير دخل عليه رجل فكلمه فى حاجه وبدون قصد وضع نصل سيفه على إصبع رجل قتيبه فآلمه وخرج الدم منه ولم يتكلم ولما انتهى الرجل من حاجته وانصرف طلب قتيبه منديلا يمسح به الدم فسأله أحدهم لِم لم تتكلم قال قتيبه بكل معنى الحياء خشيت أن أقطع عليه سرد حاجته وقتيبه فاتح الشرق ولكن لم يتخلى عن حيائه وتواضعه.
نعم إنه خلق الحياء عاطفة حية داخل النفس ترتفع بها النفس عن الدنايا والصغائر ويحترم الإنسان الحيي نفسه أمام الله وأمام الناس وأمام نفسه.
وعثمان رضى الله عنه يقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم "ألا استحى من عثمان!ذلك رجل تستحي منه الملائكة "وأكثر الناس حياءً هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس حياءً من العذراء فى خدرها وهذه ابنته تجسد لنا معنى الحياء عندما أراد أن يبايعها على ألا تشرك بالله شيئا ولا تسرف ولاتزن فلما سمعت ولا تزن وضعت يدها رضى الله عنها على رأسها وأنزلت وجهها من شدة الحياء هذه هي فاطمة رضى الله عنها .
فأين بنات أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الخلق العظيم وأين شبابنا منه.
ادله فى الحياء
1-قال صلى الله عليه وسلم "الحياء لا يأتي إلا بخير"رواه بخارى ومسلم
2-"الحياء من الأيمان والأيمان فى الجنة والبزاء من الجفاء والجفاء في النار"رواه أحمد والترمذي"حديث حسن"
3-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل وهو يعظ أخاه فى الحياء {أى أن يخفف حياؤه قليلاً } فقال "دعه فإن الحياء من الإيمان"رواه بخارى ومسلم وقال تعالى "فجاءته إحداهما تمشي على استحياء"القصص{25}
فأين البنات من هذه الآية الكريمة وأين نحن منها
4-"الإيمان بضعة وسبعون شعبة-أو بضع وستون شعبة-فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان"
والتصريح بأمر الحياء يدل على أهميته وهوا لخير وهو من طرق الإيمان والمؤدى لبقية الشعب والأخلاق الحسنه.
فالإيمان والأخلاق والخيرية لمن عنده صفة الحياء وإذا وجد الإيمان فهو طريق الجنة.
5-"إن مما أدرك الناس من كلا م النبوة الأولى إذا لم تستحي ففعل ما شئت"رواه البخاري فيكون جريئا على الله فى ارتكاب المناكر والمحرمات
قال القاضي الفضيل بن عياض خمس من علامات الشقوة القسوة فى القلب وجمود العين وقلة الحياء والرغبة فى الدنيا وطول الآمل.
معنى الحياء
الحياء هو انقباض النفس وتفاعل الجوارح معها على عدم فعل المنكر أو إظهار ما لا يجب إظهاره وعدم السكوت عن المنكر من الحياء والتمسك بالحقوق والخجل معناه ارتباك يحصل للإنسان ناتج عن خوف وضعف شخصية كسؤال المعلم للطالب فيخجل الطالب لعدم قدرته على الإجابة وكذلك من لم يطالب بحقه بدعوى الخجل فهو ضعف والمسلم ذوا لحياء كالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته أقوياء فلا يخاف فى الله لومه لائم وعلى الحق سائرون وللمنكر محاربون.
علاقة الحياء بالقلب
إن العلاقة بين الحياء والقلب لعلا قه وثيقة فإن زاد الحياء كان القلب حيا خاشعا وإن قل الحياء فذلك سبيل لموت القلب والروح فمن كان في قلبه حياء يستحي من الله لعلمه أن الله يسمع ويري فلا يقدم على الذنب ويستحى أن يجاهر بقول أوفعل يغضب الله عز وجل
قال تعالى"إن الله كان عليكم رقيبا"النساء {1}
قال تعالى"يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور"غافر {19}
قال تعالى"ألم يعلم بأن الله يرى"العلق {14}
ومع حياء العبد فإن الله يستحي أن يرد عبده صفرا إذا دعاه ويستحي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم"إن الله حي ستير يحب الحياء و الستر فإذا أغتسل أحدكم فليستتر"
ومن ليس فى قلبه حياء ماتت العاطفة وأصبح جريئا مجاهر للمعصية ولا يستقبح قبيح ولا يستدني دنية فقد تجرأ على معصية الله عز وجل ولم تعد حياته حياة
وقد قيل "أكمل الناس حياة أكملهم حياء"إن الحياء هو السبيل لقبول الله لنا ومحبته لنا وهل يوضع لنا القبول فى الأرض إذا لم نتصف بالحياء وهل يوضع القبول لمن لا إيمان له فمن لاحياء عنده لا إيمان له فلا قبول له إن السيدة عائشة رضى الله عنها من حيائها أنها في بيتها لما دفن عمر رضى الله عنه لا تخلع ثيابها فيه وتشد على ثيابها حياءً من عمر وهو ميت فكيف هي مع الأحياء.
انواع الحياء
وقد قسم الحياء على أحد عشرة أوجه:-
1-حياء جناية ومنه حياء آدم عليه السلام لما فر هارباً من الجنة.قال تعالى أفراراً منى ياآدم .قال لا يارب بل حياء منك .وهذا حياء كل مذنب وعاصي إذا أذنبوا يعيش حالة من الحب مع الله
2- حياء التقصير كحياء الملائكة وقولهم يوم القيامة سبحانك ربنا ما عبدناك حق عبادتك ومنه حياء الأنبياء والصالحين وشعورهم بالتقصير نحو الله وندم المؤمن يوم القيامة على كل دقيقة لم يذكر بها الله عز وجل.
3-حياء كرم كحياء النبي صلى الله عليه وسلم لما عمل وليمة لزينب فمن حسن كرمه أنه أطال القوم عنده واستحى منهم أن يقول انصرفوا
4-حياء الحشمة كحياء على بن أبى طالب رضى الله عنه أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي لمكانة ابنته منه وكحياء كل مؤمن يريد أن يسأل سؤال شرعي خاص يسأل ولكن يظهر الحياء علي وجهه.
5-حياء المرء من نفسه هذه النفوس العزيزة التي لا ترضى لنفسها بالنقص فيستحى من نفسه فحياؤه من غيره أجدر.
6-حياء الشرف والعزة فيستحى فمع بذله يحس بنقص منه مع كل بذل أوعطاء أواحسان ويستحى أن يقدمها هو وكأنه هو السائل الآخذ فيستحى مواجهة الآخذ لأن يستحى من خجلة الآخذ.
7-حياء الإجلال وهو حياء ينبع بكثرة معرفتك بالله عز وجل يكون حياؤه منه وتفكر ألف مرة عند المعصية لعظم حياءك من الجليل.
8-حياء الاستحقار واستصغار النفس حين يسأل العبد الله تعالى حوائجه مع علمه وإحساسه بحقارة نفسه واستصغارها ومن هو في هذا الكون.مع ما عنده من ذنوب وخطايا يرفع يده يسأل الله حاجته ومع تقصيره لمسؤوليته على الأرض فيستحى من الله عز وجل عند السؤال.
9-حياء المحبة وهو حياء المحب من محبوبة فلعظمة حبه لله عز وجل يستحى منه كلما ذكره أو خطر على قلبه يظهر ذلك على وجهه وتبكى عيناه ويضطرب قلبه فيزيد من الطاعات.
10-حياء العبودية فيستحى أنه أقل من أن يصل لدرجة العبودية لله عز وجل مع كل ما فى قلبه من محبه وخوف واستعظام قدر الله عز وجل فى قلبه وحياء العبودية يتمثل فى النبي صلى الله عليه وسلم حينما يقلب وجهه في السماء لتحويل القبلة وحياء من الله ولكن لم يتكلم حياءً من الله عز وجل حياء العبد من سيده وخالقه.
11-حياء استشعار نعم الله عليك حيث تغمرنا نعم الله تعالى وإن شكرنا قليل بالنسبة للنعم فنستحي من الله عز وجل.يقول العلماء من استحى من الله بلغ مقام الأولياء
قال تعالى "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
اعظم درجات الحياء
أعلى درجات الحياء هو من الله عز وجل ونحن جميعا نشترك عند ارتكابنا المعصية والذنب من عدم الحياء من الله تعالى أنسينا أنه يسمعنا ويرانا فما هذه الجرأة والاستهتار واللامبالاة.
يقول ابن القيم"فرحك بالذنب أشد عند الله من الذنب وضحكك وأنت تفعل الذنب أشد عند الله من الذنب وحزنك على فوات الذنب أشد عند الله من الذنب أين الحياء لماذا لم تستتر عند الذنب ألا نستحي من الله تعالى وإن كنت جريئا فلا تعصى الله على أرضه ولا تأكل من رزقه واعصيه في مكان لا يراك فيه و إذا جاء ملك الموت رده عنك عند المعصية وأنت لا تستطيع ذلك ألا نستحي من الله عز وجل إن السماء والأرض تشتكي كل يوم من العصاة والله تعالى يقول لها "أنا طبيبهم فأبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب" أننتظر أن يبتلينا الله حتى نستحي ونكف عن عصيانه فما الوسيلة للتخلص من هذه الجرأة ومن عدم الحياء مع الله تعالى واستغلالنا لحلم الله ورحمته ولطفه بنا
وسائل تعيننا على ذلك :.
1-التوبة النصوح والرجوع إلى الله والحياء منه لعصياننا وتقصيرنا فى عبادته قال الرسول صلى الله عليه وسلم"إن الله ليبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها"رواه مسلم.
واجلسي أختاه مع الله جلسة محاسبة وتذكري نعم الله العظيمة عليك وعظم ذنوبك وتقصيرك وأنيبوا وفروا إلى الله وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون.
2-تذكر الموت في كل لحظة وبماذا سيختم لك على طاعة أم على معصية وستجدين نفسك تستحين من الله تعالى ولا تبادري بمعصية قط.
3-واسألي الله تعالى وادعيه بحسن الخاتمة وبصلاح الأقوال والأعمال وان يتقبلها ويعينك على عبادته وذكره وشكره.
4-الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه والتخلق بما ذكر فيه من صفات الصالحين المؤمنين الأخيار والعناية بما جاءت به السنة النبوية والتمسك بها.
5-حضور مجالس الذكر والتفقه بالدين ومعرفة منهج الله تعالى وسنة نبيه تحمينا بأذن الله من الوقوع في المعاصي وتعيننا على الإقبال على الطاعات.
6-مصاحبة الأخيار والصالحين ومجالستهم وعدم مجالست أهل الفسوق والعصيان حتى لا نزل معهم.
7-قراءة سير النبيين والسيرة النبوية والتاريخ الاسلامى من صفات العباد والأخيار تعيننا على التخلق بالأخلاق الحسنة والاستقامة عليها .
يعيش المرء ما استحيا بخير
ويبقى العود ما بقى اللحاء
فلا والله ما فى العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحــياء
إذا لم تخشى عاقبة اللــيالي
ولم تستـحي فاصـنع ما تــشاء.
الخاتمه
بعد هذا أين نحن من الحياء؟؟
أين نحن من رضى الله علينا ؟؟
أين نحن من تمسكنا بديننا الاسلامى الحنيف وسنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟؟
"ومن يعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكي ونحشره يوم القيامة أعمى"
"ومن عمل صالحا وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"
أما من نتائج الإعراض عن هذه التعاليم أن تفشى فى المجتمع الاستهتار بالقيم الرفيعة والتقاليد الحسنة والتجرد من الفضائل الموروثة وانتشرت الرذائل وأخذت طريقها إلى إفساد القلوب والعقول فمن مناظر التبرج وعرض مفاتن الجسد إلى أغان رخيصة مبتذلة إلى كتب ومجلات خليعة وقصص عابثة وصور فاضحة وأفلام خليعة تسلب المسلم الحياء وتزين له الشر وتغمسه فى الشهوات والآثار ناسيا بأن الله يراه ولم يغفل عنه فعلينا التمسك بكل وسيلة تقربنا من الله عز وجل وتجلب لنا محبته ونربى أولادنا على الأخلاق الحسنة ونعلمهم ما يجب فعله وقوله وما يجب تركه من القول والعمل.
ونتمسك بديننا وقرآننا وما جاء به وما جاءت به السنة النبوية وبهذا نصل بالنفس إلى السمو والعز والرفعة عند الله عز وجل
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم آتى نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها .اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أجمعين والحمد لله رب العالمين