كنت فى صباح يوم أحد الأيام فى قطار الأنفاق بمدينة نيويورك و كان الركاب جالسين فى سكينة بعضهم يقرأ الصحف و بعضهم مستغرق فى التفكير و آخرون فى حالة أسترخاء .. كان الجو ساكناً مفعماً بالهدوء!! فجأة .. صعد رجل بصحبة أطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم عربة القطار . جلس الرجل الى جانبى و أغلق عينيه غافلاً عن الموقف كله .. كان الأطفال يتبادلون الصياح و يتقاذفون بالأشياء.. بل و يجذبون الصحف من الركاب و كان الأمر مثيراً للازعاج.. و رغم ذلك استمر الرجل فى جلسته الى جوارى دون أن يحرك ساكناً !! لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من التبلد ... و السماح لأبناءه بالركض هكذا دون أن يفعل شيئاً!! يقول " كوفى " بعد أن نفد صبره .. التفت الى الرجل قائلاً: إن أطفالك يا سيدى يسببون ازعاجاً للكثير من الناس .. و إنى لأعجب ان لم تستطع أن تكبح جماحهم أكثر من ذلك .. إنك عديم الأحســـــاس !! فتح الرجل عينيه .. كما لو كان يعى الموقف للمرة الأولى و قال بلطف : نعم إنك على حق .. يبدو انه يتعين علىّ أن افعل شيئاً ازاء هذا الأمر لقد قدمنا لتونا من المستشفى .. حيث لفظت والدتهم أنفاسها الأخيرة منذ ساعة واحدة و اننى عاجز عن التفكير .. و أظن أنهم لا يدرون كيف يواجهون الموقف أيضاً. يقول " كوفى " تخيلوا شعورى عندئذ ... فجأة أمتلأت بألم الرجل و تدفقت مشاعر التعاطف و التراحم دون قيود .. قلت له : هل ماتت زوجتك للتو ؟ إننى آسف .. هل يمكننى المساعدة ؟ ------------- لقد تغير الموقف فى لحظة !! أنتهت القصة .. و لكن .. ما أنتهت المشاعر المرتبطة بهذا الموقف فى نفوسنا .. نعم .. كم ظلمنا أنفسنا حين ظلمنا غيرنا فى الحكم السريع المبنى على سوء فهم و بدون أن نبحث عن الأسباب التى أدت الى تصرف غير متوقع من أنسان قريب أو بعيد فى حياتنا .. و سبحان الله ... يوم تنكشف الأسباب و تتضح الرؤية .. نعرف أن الحكم الغير عادل الذى أصدرناه بلحظة غضب له وقع أليم على النفس ...
إن عراك الشك لا تحكم سريعاً .. هو من الشيطان لا تتبع نباه وإن تبعته صرت له خادماً مطيعاً .. ما ترى إلا الرزايا والدناه كنا فى أحيان ظالمين و فى أحيان مظلومين .. و لكن المهم فى الأمر .. الا نتسرع فى اصدار الأحكام على الآخرين منقول
الأخضر الجزائري عضو فضي
تاريخ التسجيل : 15/04/2011 المشاركات : 1163 العمر : 26 تقيمي : 0 الدولة : المهنه : الهواية : المزاج :