رمضان شهر مبارك
تُضاعف فيه الحسنات، وتُقبل فيه الطيّبات، ويُعفى فيه عمل ما مضى من الذنوب
والسيِّئات، إذا أقبل، أقبلنا على الله بأيدي متوضئة طاهرة، وقلوب عامرة
بذِكر الله والدعوات.
فإذا كان البعض سيرفع شعار: ''لا ينال الجنّة
من يُؤثـر الرّاحة'' في هذه ليالي رمضان، فلابد من زيادة الاهتمام بها،
والتّأكيد على الأعمال الصّالحة فيها، ومن ذلك:
إحياء اللّيل: فقد ثـبت
في الصحيحين عن عائشة، رضي الله عنها، أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم
''كان إذا دخل العشر أحيَا الليل وأيقظ أهله وشد مئزر''. الاعتكاف: روى
البخاري أنه عليه الصّلاة والسّلام اعتكف في العام الّذي قبض فيه عشرين
يومًا. قال الإمام الزهري رحمه الله: ''عجبًا للمسلمين؛ تركوا الاعتكاف مع
أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، ما تركه منذ قدم المدينة حتّى قبضه
الله عزّ وجلّ''.
تنويع العبادة: فقد ورد أنّ النّبيَّ، صلّى الله عليه
وسلّم، كان يجتهد فيها أكثـر ممّا يجتهد في غيرِهِا، وهذا شاملٌ للاجتهاد
في جميع أنواع العبادات، من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها، ولأنَّ
النّبيَّ، صلّى الله عليه وسلّم، كان يُحْيي ليلَه بالقيامِ والقراءةِ
والذِّكرِ بقلبه ولسانِه وجوارِحِه، لِشَرفِ هذه الليالِي وطلبا لليلةِ
الْقَدْرِ التي مَنْ قامها إيمانًا واحتسابًا، غَفَرَ اللهُ له ما تقدّمَ
من ذنبه.
إيقاظ الأهل: وهذا من باب كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته.
فكان، صلّى الله عليه وسلّم، لا يترك أحدًا من أهله يستطيع القيام للعبادة
والسّهر للإحياء والقوة على ذلك إلاّ أيقظه. ففي المسند عن عائشة، رضي الله
عنها، قالت: ''كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخلط العشرين بصلاة ونوم.
فإذا كان العشر، شمَّر وشدّ المئزر فيسهر ليله، ويطوي فراشه ويودّع النّوم
(وإن كان النوم في جميع ليالي عمره قليلاً) ويُلزم من يطيق من أهله ذلك
معه''. الإكثـار من الدعاء: فاللّيالي ليالي برّ وخير وإحسان. وقد قال
النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، للصّائم دعوة عند فطره لا ترد.
الابتعاد عن التّنازع والخصام: قال صلّى الله عليه وسلّم: ''خرجتُ لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفِعَت'' رواه البخاري.
كثـرة
تلاوة القرآن: فإن كنت تختمه كلّ أسبوع مرّة في الأيّام العشرين الأولى من
رمضان، فاختمه كلّ ثـلاث ليال في العشر الأخيرة من رمضان، وإن كنت تختمه
كلّ ثـلاثـة أيّام، فاختمه في العشر الأخيرة في كلّ ليلة مرّة. الاغتسال
ولبس الجديد من الثـياب: يُروى عن السّلف أنّهم كانوا إذا دخلت اللّيالي
العشر، اغتسلوا في كلّ ليلة، وخصُّوا اللّيالي الوترية بثـياب جديدة. وذكر
ابن جرير رحمه الله ''إن كثـيراً من السّلف الصّالح كانوا يغتسلون في كلّ
ليلة من ليالي العشر، كان يفعل ذلك أيوب السختياني رحمه الله، والإمام مالك
رحمه الله، فيما يرجّح عنده أنه من ليالي القدر، فيغتسل ويتطيّب ويلبس
حُلّة لا يلبسها إلى العام القادم من شهر رمضان، وكان غيرهم يفعل مثـل
ذلك''.