اللحم المرّ
اللحم المرّ
يحكى أن رتلاً من الذئاب لما ضاقت بهم ذات اليد، اجتمعوا من كل شعاب الأرض،
ليتدارسوا حالهم بعد الفاقة وبعد أن نضبت منابع الأرض، ودرس الأثر، وجفّ
الضرع، وذبل الزرع.. وقف أكبرهم يقول: «يا أبنائي! ما دمنا لا نملك إلا
الموت جوعاً، فاني أبيح لكم أن تأكلوا لحم بعضكم! فان بقي منا النصف، خير
من أن يموت الكل»!
شُدهوا لما سمعوا، كيف نأكل بعضنا؟ كيف نمزِّقُ شلواً لإخوة وان أبحت لنا؟!
أجابهم: «مكره أخاكم لا بطل، فالتزموا أمر الطاعة»!
رضخوا لقول السيد، لكن صغيرهم وقف بالباب، وقال لا استسيغ لحم أخي! مُر إذا ما مضغته شفتي!
فصرخ بهم قائد السرب: «اجمعوا السُّكر من أقاصي الأرض، فإذا كان لحم الإخوة مراً، يهبه السكر حلاوة»!
«ولكن كيف لنا أن نأتي به، وجرداء أرضنا لا تأت إلا بالعلقم»؟
تفكر قليلاً وأجابهم: «عليكم بالإنسان، فانه لا يحتاجه فوق الموائد»؟
عجب الصغير وقال: «يا له من راقي إلا يأكل لحم أخيه في الملمات»؟
أجابه الذئب وقد أندى جبينه هول السؤال: «بل يأكل لحم أخيه دون جوع ولكنه لا يشعر بالمرارة»!
في يوم ما.